خير المال ما يكسبه الإنسان من عمل يده

الخليج اليوم – قضايا إسلامية الأربعاء 3-ديسمبر -1986 م

لقد صرح الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رب العزة هاديا ومرشدا وقائدا ورائدا ، للناس كافة في جميع مجالات الحياة البشرية : “وما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ” (رواه البخاري) . وفي رواية أخرى قال : “كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده” (رواه البخاري) .

وهكذا أرشد رسول الثقلين إلى شرف العمل وكرم الأكل ، وأوعز أمته إلى اتخاذه أحسن الأساليب وأشرف الوسائل لكسب المال وجمع الغنى وهو العمل بيده ، وأن العمل باليد يشمل كل وسائل الكسب التي يبذل فيها جهده وتجاربه وخبرته وهو يعني الكسب الحلال بالمعنى العام سواء التجارة أو الزراعة أو المهنة الصناعية ، أو الأعمال المكتبية في المصالح الحكومية لأن كلا منها ينطبق عليه اصطلاح : “العمل بيده” وليس مقصورا على الأعمال اليدوية الحرفية .

وبهذه الإرشادات كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يحث أمته علت كسب المال اللازم للإنفاق على من يعوله وفي وجوه الخير ، بالمجهودات الشخصية ، ويحذرهم من التطلع إلى سؤال الناس وجمع التبرعات والتعرض للهبات والعطاءات الخيرية فإن هذه العادات تثبط الهمم وتوهن العوائم وتضعف الإرادة في أفرادها وتكون الأمة بصفة عامة ، عرضة للضعف والهوان ، وبالتالي إن عادة التطلع إلى السؤال وجمع العطاء تقتل في نفوس من يقوم به روح العمل الجاد وحب الكسب النبيل ، ونظام الاعتماد على النفس ، وأخيرا يكون الفرد الكسلان العطلان عالة على الآخرين ، وتكون الأمة التي تتكون من مثل هؤلاء الأفراد عالة على الأمم الأخرى إذا كانت هدية ومخلصة ، ووصمة عار ، ومسبة ضعف وهوان لدى الأمم التي تضمر لأمة الإسلام الحقد والكراهية والعداء .

ويحذر رسول الإسلام وقائد أمته من التواكل والتقاعد عن العمل ، والتطلع إلى السؤال والعطاء فقال : “لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل ، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها ، فيكن الله بها وجهه ، خر له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه” (رواه البخاري) . وفي رواية أخرى قال : “لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره ، خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه” (متفق عليه) . فإذا جاء لشخص مال أو هدية بدون سؤال منه ولا سعي إليه فلا حرج في نظر الإسلام من أن يقبله وينتفع به ، ولا يدخل ذلك في نطاق السؤال المحذور والتطلع المذموم فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي العطاء لعمر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : “خذه إذا جاءك بشيئ من المال شيئ ، وأنت غير مشرف ولا سائل ، فخذه فتموله فإن شئت كله أو شئت تصدق به ، ومالا ، فلا تتبعه نفسك” (غير مشرف أي متطلع) . وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لا يسأل أحدا شيئا ، ولا يرد شيئا أعطيه” (متفق عليه) .

ومن الحث على الكسب بعمل اليد وعلى التعفف عن السؤال والتطلع إلى العطاء ، بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل المال الحلال وإنفاقه في وجوه الخير فقال : “لا حسد إلا في اثنتين : رجل أتاه الله مالا ، فسلطه على هلكته (إنفاقه) في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة ، فهو يقضي بها ويعلمها” (متفق عليه) .

قبسات مضيئة

من القرآن الكريم

“فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله” (الجمعة )

من الهدي النبوي

“كان زكريا عليه السلام نجارا” (رواه مسلم) .

من الأدعية المأثورة

“اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” .