الميزان الدقيق لأعمال الإنسان

الخليج اليوم – قضايا إسلامية

إن وجود الإنسان كشجرة مثمرة ينتفع بها الإنسان والطيور والحيوان ولهذه الحكمة البالغة قد شبه رسول العالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الإنسان المؤمن بالنخيل ، في حديث صحيح رواه الثقاة من الأئمة المحدثين ، لأن شجرة النخيل أكثر استقامة ، وأشد عودا وأحلى ثمارا وأنفع استخداما في حاجات الناس ، من جميع أجزائها ، جذعا وخوصا وتمرا .

وبهذه الحكمة ، وبهذا التشبيه البليغ ، قد أراد رسول الإسلام أن يثبت ، بمثل حي واضح أو وجود الإنسان المؤمن ، في الكون إنما هو ليكون بمثابة غرس يفيد الناس ، لا ليكون في عداد الأموات ولو كان حيا بحركاته وجوارحه .

وأما أعماله كلها فيجيب أن تصدر عن الإيمان الصحيح والإخلاص الصافي لئلا تكون مطليه بدهان الرياء والنفاق والمجاملة الخرقاء ، وهذا هو سر اقتران العمل الصالح بالإيمان في عدة آياة قرآنية وبقدر ضعف قوة العقيدة تضعف قوة الأعمال وحماسها وإخلاصها .

وأن بناء الإسلام أساسه العقيدة ، وهذا الأساس يقام في أعز مكان في الإنسان وهو قلبه الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ثلاث مرات : “التقوى هاهنا ” وقال أيضا : “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ” .

وأفردت هذه العقيدة الإسلام بميزة لم تعهد في أي دين آخر في تاريخ البشر ولهذا يفكر مناهضو الإسلام كنظام وفكر ، من كل حدب وصوب ، في اختراق الحاجز العقدي للعالم العربي والإسلامي ليدخلوا الوهن والضعف في روح العرب والمسلمين بزعزعتهم عن عقيدتهم التي ترفض الاستعمار والاستذلال والهوان ، فالعقيدة الصحيحة كشهادة اللسان واعتقاد القلب ، هي مصدر الأعمال .

وفي الحقيقة أن العقيدة الإسلامية مصدرها الوحي الإلهي ، وليس فيها دخل للفكر الإنساني أو التصور البشري أو النظرية الإنسانية (الأيدولوجية) ، وإن هذا النهج الصحيح للعقيدة يعطي دفعا جديدا لأعمال الإنسان كما أن العقيدة الصافية منبع الهمة والشجاعة والمثابرة والإيثار .

وبفضل هذا النمط من الأعمال النافعة المنبثقة من العقيدة الراسخة غلب العرب المسلمون ، أقوياء الأرض حين انتصروا عليهم ، وبفضل قوة ومناعة تلك العقيدة والأعمال الصالحة قد صمدوا ، كذلك عندما واجهوا النكسة النكراء ، وحافظوا على كيانهم وتراثهم ، ولم يرضوا للعزة والقوة والكرامة بديلا ، وهل يعيد التاريخ نفسه ؟ نعم !!.