الإسلام يدعو إلى التنمية ويرفض التبعية

الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الأربعاء 18-ديسمبر-1985 م

إن ميادئ الإسلام وقيمه ونظمه وأحكامه وقوانينه شاملة للإنسان ، والحياة والكون كله ، وأن النظام الإسلامي الشامل يؤكد على ضرورة العناية بالجانب المادي والعلمي ولاقتصادي والاجتماعي أيضا إلى جانب الاهتمام الأساسي بالجانب الروحي والأخلاقي . ومن منطلق هذا المفهوم الأوسع والأصح للإسلام يجب أن تبذل الأمة التربية والإسلامية في هذا العصر بالذات ، مزيدا من الاهتمام بتطوير ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وتطويرها نحو الأمثل .

مفهوم التنمية في الإسلام

إن روح الإنسان المؤمن وطاقاته العضوية مع إمكانياته الجسمية وقدراته المادية في التنمية الشاملة في الحياة البشرية ، تتزاوج وتتماسك في تكوين شخصيته المسلمة الفاضلة المثالية . وأن الإطار الصحيح لخطط التنمية في المجتمع العربي والإسلامي هو إطار النظام الإسلامي من القيم والأخلاق والأساليب والغايات . ويدور هذا الإطار حول محور التنمية الشاملة الروحية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية . وأما اقتصار التنمية على جانب دون آخر فهو الذي يعارضه الإسلام لأنه يجعل المجتمع ناقصا في بعض النواحي الهامة ، ويتركه مكسور الجناح عند الطيران إلى مدارج الكمال والرقي ، وضعيف الجانب عند واجهة الشدائد ، وتحديات الأقوياء .

مخاطر التبعية

إن من أهم المخاطر التي تواجهها الأمة العربية والإسلامية حالة التبعية العمياء البكماء الخرساء في بعض المجالات الأساسية ، على الرغم من توافر الإمكانيات للتخلص من مخالبها ، والخروج من مصائدها وأن هذا التخلص والخروج هو مفتاح الاستقلال الحضاري والاكتفاء الذاتي في العصر الحاضر .

وأظهر مجالات هذه التبعية هيمنة التكنولوجية الأجنبية على صناعات واقتصادية الدول العربية والإسلامية ، ثم استمرار كون هذه الدول أسواقا لمنتجات الدول الصناعية والزراعية الأخرى . وأخيرا استثمار الأرصدة المالية الضخمة لتلك الدول في الدول الصناعية الأجنبية ، ومن هنا تستمر هجرة العقول والكفاءات والخبرات من العالم العربي والإسلامي إلى ذلك العالم الصناعي وذلك كله للأسباب المذكورة الناتجة عن التبعية المتوارثة عن عهود الاستعمار والاستغلال البائدة .

أثر فوضى التخطيط والتفكير

وأن السبب الأساسي لهذا التراجع وهذه التبعية القاسية إنما هو الفوضى والتذبذب ، والتخالف في إيجاد إطار كفيئ للتخطيط الاقتصادي والسياسي والثقافي ، بحيث ينسجم مع طبيعة الرؤية الحضارية والفكرية للأمة العربية والإسلامية ، بعيدا عن التأثرات الخارجية المفروضة عليها تآمرا وتحاسدا وتعاظما.

ويؤكد التصور الإسلامي أن المجتمع لا يتقدم ولا يتطور إلا بعملية التنمية الشاملة المستقيمة ، وبلا تبعية وتجزئة وبعثرة مهلكة .