طريق الإسلام طريق مستقيم

الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الأربعاء 8-يناير-1986 م

إن من القضايا المسلمات البديهية لدى الأفهام والعقول السليمة أن الحط المستقيم هو أقرب صلة بين النقطتين وهو أيضا أقرب للوصول إلى الهدف المنشود من الطرق المنفرجة أو المتفرقة المائلة كما أنه طريق النجاة والبعيد عن الذلات ومن هنا جاء أفضل الدعاء في أفضل المناسبة وفي أفضل المقام في حضرة الخالق الجبار المتعال : “اهدنا الصراط المستقيم” فإذا نال العبد الصراط المستقيم في حياته نال سعادتي الدارين والنجاة المطلوبة في الحياتين ، وأنه طريق الفلاح والصلاح والأمان .

مكانة “الاستقامة” في حياة الإنسان

أما كلمة الاستقامة ومشتقاتها فلها مكانة هامة ومرموقة في تعاليم الإسلام كلها . وقد وصفها القرآن والسنة مدار النجاح والفلاح والدارين ومدار نيل مرضاة الناس ومنار الهدى التقى والعفاف في حياة الإنسان اتباع الطريق المستقيم في كل جانب من جوانب حياته فقال القرآن : “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ..” (فصلت : 30) . ثم قال : “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ” (الأحقاف : 13) .

ويقول الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم : “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا ” (هود : 12) . ثم قال : “فلذلك فادع واستقم كما أمرت..” (الشورى : 15) . ويقول تعالى موجها إرشاده الحكيم للمؤمنين جميعا : “إنما إلهكم إله واحد فاستقيموا له واستغفروه ” (فصلت : 6) .

عظمة الإسلام في فطريته واستقامته

والإسلام دين الفطرة كا نص عليه قوله تعالى : “فأقم وجهك للدين حنيفا ، فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” . وإذا كان الإسلام دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها فلا يمكن أن يأمر بشيئ يصعب على العقل السليم فهمه أو ينهى عن شيئ يصعب على العقل اجتنابه والابتعاد عنه وقد أوجب الإسلام على كل مسلم مكلف مجموعة من العقائد والعبادات والشعائر والمعاملات وهي تشمل جميع حركات الإنسان من مهده إلى لحده وتنظم العلاقات بينه وبين ربه وبني جنسه من الإنسان وبين الكائنات لها لأنه جزء لا يتجزأ من الكون الأوسع ولا حياة له بانفصال وبانفصام عن بقية أجزاء الكون من السماء وما فيها من شمس وقمر ونجوم وهواء ومطر ، ومن الأرض وما فيها من بحار وأنهار وجبال وأدغال وحيوان ونبات وحشرات ، فمن هنا تحتم عليه فطرته أن يحمد رب العالمين جميعا ليلا ونهارا وسرا وجهارا !

بخمسة أشياء تستقيم الحياة

من الكليات التي تستقيم حياة الأفراد والجماعات بتحقيقها والمحافظة عليها خمسة أشياء وهي : النفس والرزق والعرض والعقل والإيمان ، وإن اختلفت المصطلحات والتسميات في مختلف الجهات والشرائع فإن الدلالات والمسميات واحدة . وبحفظ هذه الأشياء تتكامل الحياة للأفراد والجماعات .

وقد امر الإسلام وأوجب على كل مسلم مكلف بالمحافظة على هذه الكليات الخمس التي تعم البشرية كلها وأن جميع الأوامر والنواهي والأحكام والشرائع التي جاء بها الإسلام للمحافظة على هذه الأشياء الخمسة الأساسية لحياة الإنسان ولنيل سعادتي الدارين ، وهي تشمل سلامة العقيدة والنفس والعقل والمال والعرض ، وتلك أساسيات الحياة المستقيمة الحرة النزيهة السعيدة .

فالانحراف عن عقيدة التوحيد بالله الذي خلقه ورزقه ورباه انحراف عن الطريق المستقيم ، وأن الاعتداء على نفس الغير بدون حق شرعي أو على عرضه وماله انحراف عن الطريق المستقيم وخروج عن الحق والعدل والقسط ، ويؤدي بصاحبه إلى التهلكة .

وأن جميع الأنبياء والرسل من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عملوا لهداية الناس إلى الطريق المستقيم ، كلما انحرفوا عن الطريق السوي وقال الله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر رسالات الأنبياء السابقين في سورة الأنعام “واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ، ذلك هدى الله يهدي من يشاء من عباده ” (الأنعام : 88) ثم يقول مخاطبا خاتم الأنبياء والرسل : “وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم” (المؤمنون : 73) .

ويحذر المؤمنين عن أي انحراف عن الطريق المستقيم ومغبته الخطيرة فيقول خالق البشر “أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي على صراط مستقيم” (الملك : 22) . وقال : “ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم” (آل عمران : 101 ) .