الواقعية في الإسلام

المدينة صفر 1405 / 14

الإسلام يعطي الجواب الصحيح الحق المقنع لكل سؤال يخطر ببال كل إنسان عاقل عن حقائق الحياة البشرية ، في كل زمان ومكان وبيئة . وعلى سبيل المثال ، فإن من الأسئلة الهامة التي شغلت ، ولا تزال تشغل عقول البشر في القديم والحديث ، (وهي من الأفكار ترد على ذهن كل إنسان ، كلما تفكر في أمور الحياة أو شاهد الموت أو القبر لأحد المقربين إليه) أولا : ما هي حقيقة هذه الحياة ! فكيف خلقنا ؟ ومن أي شيئ خلقنا ؟ فيجد جوابا حقا وواقعيا في القرآن ، ويبين أن الإسلام لم يكن شيئا مذكورا ، وكان معدوما فخلقه من النطفة التي تخرج من صلب الأب وترائب الأم وتخبر الآيات التالية عن تفاصيل خلقه من واقع الحقائق المشاهدة التي لا يتسرب أدنى شك إلى ذهن أي إنسان عاقل له أدنى فهم وإدراك :

1 – “هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ، إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا وبصيرا” (الإنسان : 1،2) .

2 – “فلينظر الإنسان مم خلق ، خلق من ماء دافق ، يخرج من بين الصلب والترائب” (الطارق : 5) .

ويبين القرآن أن خلق الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام من طين أوتراب ، وكان خلق نسله وذريته من نطفة من مني يمنى ، فيقول :

3 – “وبدأ خلق الإنسان من طين ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون” (السجدة : 8،9) .

4 – “ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ، ثم أنشأناه خلقا آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين” (المؤمنون :12 ، 14 ) .

5 – “يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعثة فإنا خلقناكم م تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ، ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ، لكيلا يعلم من بعد علم شيئا” (الحج : 5) .

وثانيا ما هو الهدف والغاية من خلق الأنساب ؟ وبعبارة أخرى لماذا خلق الإنسان ؟ ويبين القرآن الكريم أن الإنسان لم يخلق عبثا فيقول :

“أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون” (المؤمنون :115) .

وكذلك لن يترك الإنسان سدى فيقول : “أيحسن الإنسان أن يترك سدى” (القيامة : 36).

ثم يقول محددا وموضحا الغاية القصوى من خلق الإنسان : “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” (الذاريات : 56) ، والعبارة تتضمن جميع أنواع حركات الإنسان وسكناته حيث يعيش بالانقياد التام لأوامر الله تعالى رب العالمين ، ويجعل شرع الله الذي وضعه للإنسان منهج حياته بتمام الرضى والقبول ، وهذه العبارة تشمل معرفة خالقه تعالى ومحبته واتباع مناهجه في جميع شؤون حياته فيظفر بالسعادة الحقيقية ، ورضوان الله في الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، وتصير حياته ذات معنى ومغزى ولا تكون سدى وعبثا .

ثم يأتي سؤال ثالث مترتبا على الأجوبة المذكورة للسؤالين السابقين وهو ، إذا جاء الإنسان من العدم بإرادة الله تعالى وخلقه وتدبيره كما شاء ” وما جاء عبثا بل خلق لعبادة الله بمعناها الواسع” ، وإلى أين مصيره بعد موته ؟ – يجيب القرآن أيضا على هذا السؤال بطريقة مقنعة ومرضية لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، بحيث لا يترك له أي مجال للحيرة أو الشبهة فيقول القرآن :

1 – “كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون” (العنكبوت :57) .

2 – “الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون” (الروم : 11) .

3 – “قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون” (السجدة : 11) .

4 – “ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون” (الزمر : 7).

5 – “وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ” (فصلت : 21).

وتبين هذه الآيات أن مصير الإنسان بعد موته (هو الرجوع إلى خالقه لمجازاته على أعماله في حياته الدنيا وإدخاله الدار التي يستحقها من الجنة أو النار) ، وتجيب الآيات الكريمة التالية على الشبهات التي تخطر ببال بعض ضعاف النفوس وقاصري النظر وناقصي الفكر ، أو الذين وقعوا تحت وطأة وساوس الشياطين حول مصير الإنسان المحتوم وبعثه ومحاسبته ومجازاته في الدار الآخرة .

“أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ، وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ، قل يحيي الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون” (يس : 77 – 83) .

وأما السؤال الأخير الهام الذي يخطر ببال كل إنسان عاقل فهو لماذا خلقنا ؟ ، ويصرح بأنه لم يخلق عبثا :