المنهج الإسلامي لمحاربة البدع والخرافات-1

الخليج اليوم – قضايا إسلامية – السبت 12-يوليو-1986 م

لقد تأثر المجتمع الإسلامي في كثير من بلدان العالم ، منذ انقضاء فترة “خير القارون” التي هي قرون الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والتابعين وتابعي التابعين رضوان الله عليهم أجمعين تقريبا ، بأنواع من البدع والخرافات المنهية ، وتسربت تلك الآفات شيئا فشيئا ، تحت عوامل وبواعث متعددة ومتداخلة إلى صفوف المسلمين ، إما في عقائدهم أو عباداتهم أو آدابهم ومعاملاتهم ، أو في هذه المجالات مجتمعه في بعض البيئات و المجتمعات ، وأما الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فإذا بشر بخيرية تلك القرون الأولى وابتعادها عن شوائب البدع ومستحدثات الأمور في الدين الإسلامي ، وبتمسكها الخالص بالسنة النبوية ، قد أنذر أيضا الأمة بكل صراحة ووضوح ، من مغبة تسرب البدع والخرافات إلى صفوفها كما تسرب إلى الأمم السابقة ففسدت وتخلفت وضاعت قيمتها الأصيلة وخسرت خسرانا مبينا .

مفهوم “البدعة” في ضوء القرآن والسنة

فيما يلي قبسات من القرآن والسنة تحدد مفهوم البدعة والخرافة ، وتحذر من آفاقها ونتائجها ، وتوضح سبل معالجتها ومحاربتها .

يمكن تعريف مفهوم البدعة لغة كما يلي – البدعة (ج) البدع – هي ما أحدث على غير مثال سابق ، وأما في مفهوم الدين فيمكن تعريفها باختصار كالآتي – “البدعة” : هي ما أحدث من عقيدة أو قول أو عمل مع إعطائه الصبغة الدينية ودرجة العبادة التي يثاب عليها ، على غير مثال سابق من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنه أو بدون دليل واضح من القرآن والسنة الثابتة .

وأما الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فكثيرة جدا في بيان وتوضيح وتحديد مفهوم البداعة المنهية ويستطيع الدارس الواعي والباحث المنصف أن يدرك فحوى التعريف المذكور أنفا للبدعة من خلال بعض الآيات والأحاديث التي أذكرها الآن على سبيل المثال لا على سبيل الحص .

آيات النهي عن البدع ومحدثات الأمور

1 – اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” (المائدة : 3) .

2 – “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب” (الحشر : 7) .

3 – “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم” (آل عمران : 31) .

4 – “إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون” (النور : 51) .

5 – “ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر” (الأحزاب : 21) .

6 – “فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما” (النساء : 65) .

7 – “فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول” (النساء :59) .

8 – “فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم” (النور : 63) .

9 – وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله” (الأنعام : 153) .

10 – “أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون” (البقرة : 44) .

الأحاديث الرادعة عن البدع والخرافات

1 – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” (متفق عليه) .

2 – وفي رواية أخرى : “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” (رواه مسلم) .

3 – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعو ضلالة” (رواه مسلم) .

4 – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “من دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا” (رواه مسلم) . ومن المعروف أن البدعة ضلالة مبينة فالدعوة إليها والدفاع عنها من أكبر الآثام ، ويعود من جل على ارتكاب بدعة أو دعا الناس إليها أو سكت عنها فله وزر من عمل بها كما هو معلوم من منطوق الحديث المذكور ودلالته وسياقه فلينتبه إليه دعاه البدع والخرافات والمبتدعون والخرافيون .

وأن البدعة في الأمور الدينية بقصد العبادة وبنية الثواب عليه خروج عن الدائرة المحددة التي رسمها الرسول الأكرم بجلاء ووضوح إذ قال : “وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة” وفي رواية أخرى : “وكل ضلالة في النار” ، فالبدعة من أشبع المنكرات سواء في العقائد أو العبادات أو العادات أو المعاملات ذات صبغة دينية فيجب النهي عنها بكل الطرق الممكنة حسب المنهج الإسلامي ، ومثيرا إلى هذا المنهج يقول النبي صلى الله عليه وسلم : “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” (رواه مسلم) ، وإلى عدد الغد إن شاء الله تعالى .