المنحلون خلقيا عبء ثقيل على الإسلام

الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الثلاثاء 21-يناير-1986 م

إن الإسلام دين الفضائل والأخلاق الإنسانية السامية ، وهو يحارب الرذائل والانحلال والنفاق بكل قوة وبكل الوسائل والطرق . وان المنتمين إلى الإسلام اسما ورسميا والمنحلين سلوكا وخلقيا إنما ينتمون إلى الإسلام زيفا وزورا وليسوا من الإسلام في شيئ وهو في الواقع بمثابة عبء ثقيل على الإسلام ، لأن الأعداء والمتربصين والمغرضين يجدون فيهم ثغرة لطعن الإسلام والنيل منه ولتشويه صورته ، ولن المغرضين يتصيدون دائما في الماء العكر ، وحينما يرون ثغرة ولو مزيفة أو مزورة يتسربون منها إلى الساحة الإعلامية زاعمين بأن الإسلام مشوه من حيث الأخلاق ومن حيث السلوك ومن حيث المبادئ الخاصة بالحياة الاجتماعية وخاصة ما يتعلق منها بالجنس والزواج والطلاق وتعدد الزوجات وغيرها من الأمور الحساسة في حياة الإنسان اليومية الملموسة والملحوظة .

المهاترات الكلامية لن تصحح الأوضاع

وفي مثل هذه الأمور وفي هذا العصر الحضاري العلني لا تكفي المهارات الكلامية والمدافعات الخطابية لدفع الشبهات ورد أضاليل الجهات المغرضة ، ولكن يجب اتخاذ موقف حاسم صحيح لتصحيح هذه الأزمة الخلقية التي وقع فيها جزء كبير من المجتمعات الإسلامية وخاصة ما يعيش منها في واجهة الالم المعاصر ، ويجب أن يعلم كل الجهات التي تعني بأمر إصلاح أحوال المسلمين دينيا وخلقيا وتعني برد الشبهات عن الإسلام الحنيف ، ان قطب المبادئ الإسلامية ومدارها إصلاح الخلق وإتمام الأخلاق الإنسانية وإنما انتشر الإسلام في الآفاق بالأخلاق والفضائل التي كان يتملى بها رواد الإسلام فكثير من التجار المسلمين وسواحهم في العصور الأولى وصلوا إلى مناطق ناحية في آسيا مثل الهند والصين وإلى أفريقيا ونواحي أوروبا وقد انتشر الإسلام بأيديهم بين سكان تلك المناطق بمجرد معاملتهم وخلقهم واستقامتهم في معاملاتهم مع الناس . وهذه الصفة هي التي تجعل الإسلام يرد عن نفسه جميع مزاعم أعدائه بينما الذين يذهبون إلى البلاد غير الإسلامية وهم منحلون خلقيا ، فيجد منهم المغرضون الثغرة التي يطعنون منها النظام الأخلاقي في الإسلام .

وأما الذين يذهبون إلى البلاد غير الإسلامية ويعيشون فيها في انحلال خلقي وميوعة وخلاعة ثم ينتمون إلى الإسلام زورا وبهتانا إنما هم وصمة عار على جبين الإسلام وليسوا في الواقع من الإسلام في شيئ . وأن هذا اللانفصام الصريح بين الإسلام وبين حياته الاجتماعية والسلوكية والعائلية – يجعله أحيانا المغرضون وسيلة لنشر الأخلاق الغربية المنحلة في أوساط المجتمعات الإسلامية الفاضلة إلى حد ما هو بطريق الدعايات الهائلة بأن هذه الطبقة المثقفة العائدة من الغرب تواهي التي يجب أن تكون أسوة وقدوة لتحضير المجتمع وتنوير المواطنين وتربية اللجيل الجديد على موالها . وإذا عرف الإنسان القوى الكامنة وراء هذه الادعاءات والأهداف المستترة خلف هذه الضجات يرى أنها تأي من مصادر ومشبوهه وقنوات محبوكة لتشويه العالم العربي والإسلام ودينه وحضارته .

ادعاء مزدوج ومتناقض

لقد اتهم المغرضون الهادفون إلى تشويه الإسلام ، في الماضي بأن الإسلام يقف حائلا أمام الرغبات الحنسية ويعطل الطاقات الغريزية بمنع الاختلاط بين الجنسين ب قيود ولا رقابة وبتنظيم توظيف الشهوات في إطار سليم ونظيف وبسد باب الحركات المثيرات والمخلات بالآداب السامية ، ثم هم يتهمون الآن الإسلام بتشجيع الرغبات الجنسية وبأمره أتباعه بتعدد الزوجات وإشباع الشهوات بطرق شتى في إطار تبريرات إسلامية .

وفي الواقع والحق أن الإسلام دين الفطرة السليمة وهو ينظر إلى الإنسان من حيث هو كائن ذو طبيعة مادية بشرية وذو طبيعة معنوية روحية ، فجاء الإسلام بأنظمة تنظم وترتب طريقة استخدام وتوظيف تلك الطبائع بصورة منظمة ومنسقة بدون فوضى وهبوط وانهيار ، وأن نظام الإسلام في توظيف الغريزة الجنسية وإشباع الشهوة الجسدية قد استهدف إلى تحقيق مستقبل يتمكن فيه الإنسان من إشباع دوافعه في إطار سليم ونظيف من ناحية ، وإخلاء حياته من الفوضى وآثارها ومن المثيرات والمحركات التي تفلت الزمام من يده وترديه إلى الهاوية أو يحتك بجهات أخرى منافسة ومعادية . وهنا تكمن أحقية النظام الإسلامي المتوازن والمتوافق لجميع الظروف والمراحل لحياة الإنسان .

الشرق يهوي في بؤرة الغرب

إن الغرب اليوم بؤرة الانحلال الخلقي والشذوذ الجنسي ، وتعيش المجتمعات هناك فيما يشبه الفوضى الجنسية والأزمة الأخلاقية ، ولا يخفى على أحد أن مدن الغرب تعيش اليوم في فوضى ممارسات الجنس المفتوح ، وفتيات الليل ، والزواج التجريبي ، ونوادي الشذوذ ، ونوادي العراة ومدن العراة الرسمية . وفي هذا الأعصار الجنسي المدبر ، نرى أناسا من الغرب ومنهم العلماء المستشرقون والمبشرون ، يتهمون الإسلام ورجاله من السلف الصالحين بتشجيع الجنس ، بينما يعيش هؤلاء المبشرون والعلماء المستشرقون في بؤرة نوادي العراة ومراكز الشذوذ الجنسي بدون أن يحركوا ساكنا ، كان المسلمون ولا يزالون – يمنعون مجرد النظر إلى النساء الأخريات والاختلاط أو الاخنلاء بهن عفة وطهارة للذمة ولا خلاق .

وقد آن الآوان لوضع حد لتردي الشرق العربي الإسلامي في هذه البؤرة الغربية المدمرة قبل فوات الآوان ، ونزول اللنقمة بشكل عام .