العالم يشهد : فلسطين أرض عربية

الخليج اليوم – قضايا إسلامية الخميس 26-يونيو-1986 م

(دراسة وتحقيق)

جاء في كتاب موثوق به عن الشرق الأوسط ، وهو كتاب “الشرق الأوسط” طبع لندن عام 1963م ص 170 ما يلي :”كان عدد السكان في فلسطين عام 1918م حوالي سبعمائة ألف ، ومنهم 10% من اليهود وأقل من ذلك المسيحيين العرب وما يزيد على 4/5 كان من المسلمين العرب ، وكانت نسبة عدد العرب إلى عدد اليهود عشرة إلى واحد عام 1918م ولكنها أصبحت عام 1938م اثنين إلى واحد وأن هذه الزيادة الهائلة في أعداد السكان اليهود في فلسطين كانت بلا ريب نتيجة لاضطهاد اليهود ف أوروبا” ومن ناحية أخرى أنه يكون أي يهودي في فلسطين قبل عام 1880م حسب تصريح الوكالة اليهودية ذاتها أمام الأمم المتحدة ، وجاء في رد للوكالة اليهودية على سؤال طرح في الدورة الخاصة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في عام 1947م :”فإن أرقام السكان اليهود في فلسطين هي خمسون ألفا عام 1900م ومائة وخمسة وستون ألفا عام 1930م ، وأربعمائة وخمسة وسبعون ألفا عام 1939م أما الآن فعدد السكان اليهود يبلغ ستمائة وثلاثين ألفا وهو أكبر من عدد سكان العرب في نهاية الحرب العالمية الأولى” .

كيف تمكن اليهود في فلسطين ؟

قدمت الهيئة العربية العليا لفلسطين في جوابها على سؤال وجه إليها في الأمم المتحدة عن أرقام السكان اليهود في فلسطين في نفس الدورة الأرقام التالية :”لقد تزايدت أعداد اليهود في فلسطين كما يلي : في عام 1900م لا أرقام رسمية ، وفي عام 1928م خمسة وستون ألف يهودي ، وفي عام 1930م أربعمائة وخمسة وأربعون ألفا ، ودخل فلسطين بين 1920 – 1930م مائة وخمسة آلاف مهاجر يهودي ، وبين 1931 – 1939م دخلها مائتان وثمانية عشر ألفا ، هذه أعداد المهاجرين المسجلين ، ومنذ عام 1939م دخل فلسطين أكثر من مائة ألف مهاجر يهودي مسجل ، عدا المهاجرين غير الرسميين المسجلين” ،وهذه المقتطفات من الوثائق الرسمية من مداولات الأمم المتحدة وتصريحات الوكالة اليهودية نفسها تدل على مدى التآمر والتخطيط العالمي للتأثير على الطابع العربي لفلسطين ، وطمس معالمها العربية بشتى الطرق والوسائل ، ويتجلى منها أيضا كيفية تسرب اليهود إلى فلسطين بحجة الاضطهاد في أوروبا وباسم الهجرة أيضا بصورة علنية بتسجيل رسمي وإعلان على الملأ ، وهذا أمر مكشوف لا يحتاج إلى توضيح .

ساسة العالم المحايدون يتحدثون

مما هو مستعاد إلى الأذهان أن زعماء العالم وساسته المحايدين قد أوضحوا رأيهم عن قضية فلسطين بكل صراحة وشجاعة لإلقاء الضوء على قضية الحق والتاريخ الواقعي في فلسطين وفيما يلي بعض النصوص من تصرحاتهم النيرة ، وقد قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي عن وجهات نظره حول هذه المشكلة ما نصه :”إن شعار الوطن القومي لليهود لا يلقى عندي تجاوب كثيرا ، فقد استندوا في تسويقه على التوراة وعلى التشبث الذي أبداه اليهود بالرغبة في العودة إلى فلسطين ، ولماذا لا يتخذ اليهود وطنا لهم في كل بلد ولدوا فيه وعاشوا ، شأنهم في ذلك شأن شعوب الأرض الأخرى ، وأن فلسطين للعرب بنفس المعنى الذي تعتبر فيه انجلترا للإنجليز ، وفرنسا للفرنسيين ، وأنه من الخطأ البين والأمر غير الإنساني أن يفرض اليهود على العرب ، وأن ما يحري في فلسطين اليوم لا يمكن أن يوجد له مسوغ من أي قانون أخلاقي أو عرف دولي ، وليس للانتداب البريطاني ما يؤيده إلا التأييد الذي منحته الحرب الأخيرة ، وحقا أنه لجريمة ضد الإنسانية أن يقهر العرب الأعزاء على الانكماش كي يستوطن اليهود في فلسطين ، وسيتخذونها وطنا قوميا لهم ، إن التصرف المناسب في هذه المشكلة هو العمل على عدم تهجير اليهود من أي مكان ولدوا وتربوا فيه ، فاليهود المولودون في فرنسا هم فرنسيون بنفس المعنى الذي يجعل من المسيحي المولود في فرنسا فرنسيا ، وإذا لم يكن لليهود أي وطن إلا فلسطين ، فهل يستسيغون فكرة إجبارهم على ترك الأجزاء الأخرى التي يعيشون فيها من العالم ؟ أم يريدون وطنية مزدوجة يحملون لكل منهما الولاء حسب هواهم ؟

المهاتما غاندي وفلسطين

قد عبر المهاتما غاندي عن وجهة نظره المذكورة آنفا ، مرة أخرة في 14 يوليو 1946م فقال :”لكنني أرى أنهم (اليهود) قد ارتكبوا خطأ فادحا في محاولتهم لأن يفرضوا أنفسهم على فلسطين بمساعدة أمريكا وبريطانيا وبالاستعانة بالإرهاب العلني .

وإني لأحسب أن الكوارث التي يعانون منها سوف تعلمهم دروس السلام ، فلماذا يعتمدون على المال الأمريكي أو السلام البريطاني ليفرضوا أنفسهم على أرض لا ترحب بهما ؟ولماذا يلجأون إلى الإرهاب ليحققوا إقامتهم بالقوة في فلسطين ؟ (كتاب : مهاتما ج 4 ، ص 311) .

وأبدى الزعيم الهندي جواهر لال نهرو رأيه حول قضية فلسطين ، في عام 1933م بقوله :”يجل علينا أن نتذكر بأن فلسطين بلد عربي بالضرورة ولا بد أن تبقي عربية فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يضطهد العرب ويقمعون في وطنهم الخاص” (الكتاب : لمحات من تاريخ العالم لنهرو) .

رأي الفيلسوف البريطاني “توينبي”

قال الفيلسوف البريطاني “أرنولد توينبي” في كتابه “دراسة التاريخ” عن فلسطين التي كانت أساسا عربية خالصة عبر التاريخ ما نصه :”بين كل سخريات التاريخ جميعا لا نجد شيئا يلقى ضوء أشد ظلما وشؤما على الطبيعة البشرية من الحقيقة التي تقول إن القوميين اليهود من الطراز الجديد – غداة أفظع اضطهاد واجهوه بين العديد من ضروب الاضطهاد التي تعرض لها جنسهم – قد بدأوا يثبتون على حساب الفلسطينيين العرب الذين كان خطؤهم الوحيد هو أن فلسطين كانت وطن أجدادهم بأن الدرس الذي تعلمه الصهاينة من العذاب الذي صبه النازيون على اليهود لم يحل بينهم وبين ارتكاب نفسي الجريمة التي كانوا هو ضحاياها ، أن يهود إسرائيل لم يسيروا على آثار النازيين إلى حد إبادة الفلسطينيين العرب بزجهم في معسكرات الاعتقال وزنزانات الغاز فحسب ، بل وسلبوا الغالبية منهم الأراضي التي كانوا هو وآباؤهم يعيشون فيها ويزرعونها طوال أجيال عديدة ، كما سلبوا المقتنيات التي لم يكن بوسعهم نقلها معهم حينما فروا وهكذا فقد حولوهم إلى حالة من البؤس والفقر حتى جعلوهم مشردين بدون ملجأ ولا مأوى” .

ويتبين من الأرقام والحقائق والمقتبسات المذكورة بأن فلسطين أرض عربية وملك للشعب العربي الفلسطين ، وأن الشعب الفلسطين العربي يعيشون في المنفى والملاجئ منذ أن بدأت إسرائيل عمليات التشريد والإبادة ، وكانت الهجرة اليهودية الجماعية من الخارج الخطوة الأولى في سبيل تنفيذ المؤامرة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ، وتلتها حملة الإرهاب والتخريب والتقتيل .

مشروع التقسيم لأرض عربية

قد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت ضغوط ومؤامرات جائرة مشروع قرار جائر لتقسيم فلسطين العربية بين اليهود والعرب ، وجدير بالذكر أن موضوع المساحة التي أعطيت لإسرائيل على أساس ذلك المشروع رقم 181 (2) 1 ، محل استغراب ودهشة لدى العقول السليمة وعند المناقشة القانونية ، فكان يتعين على الدولة اليهودية بموجب ذلك القرار أن تنال يقارب 5،500 ميلا مربعا من فلسطين التي كانت مساحتها عشرة آلاف وأربعمائة وثلاثة وعشرون (10423) ميلا مربعا ، أما الرقعة التي استولت عليها إسرائيل في ذلك الوقت نفسه فهي 7،993 ميلا مربعا ، وهذا يشكل زيادة 45% عما يتضمنه قرار الأمم المتحدة .

وفي عام 1967م قامت الدول العربية المجاورة واحتلت الأراضي العربية الجديدة ولا تزال تحتفظ بها متجاهلة الرأي العام العالمي والعدالة الدولية وقرار الأمم المتحدة ، وأن فرض قوم على وطن شعب آخر ، بطريقة المكر والخداع ، والقوة والإرهاب لظلم بين في حق الإنسانية ووصمة عار على تاريخ العالم .

وبينما تزعم إسرائيل أو الحركة الصهيونية العالمية بحق اليهود في فلسطين ، يشهد العالم وزعماؤه المحايدون ، بوثائق قاطعة وأرقام ناطقة ، بأن هذه البقعة ملك للعرب كما أن أمريكا ملك للأمريكيين وفرنسا ملك للفرنسيين وإنجلترا ملك للإنجليز ، وكذلك أكد هؤلاء الزعماء في ضوء الحقائق والوثائق والفطرة السليمة أو فرض شعب على وطن شعب آخر بقوة المال والحديد وبالخداع والتضليل ، جريمة تاريخية وضلالة سياسية ، وفضيحة أخلاقية !.

وأما السكوت على اقتطاع الأراضي العربية لاستيطان عصابة هاربة أو مطرودة من البلاد الأخرى يجر الويلات والكروب لمختلف الأمم والشعوب .