الاعتكاف في رمضان مشروعيته وحكمته وأركانه وآدابه

في رحاب رمضان المبارك

الاعتكاف في رمضان مشروعيته وحكمته وأركانه وآدابه

الخليج اليوم – قضايا إسلامية السبت 17-مايو-1986 م>/small>

إن الاعتكاف لغة هو تلمكث واللبث وشرعا المكث في المسجد بنية الاعتكاف ، وأما الأصل فيه فهو القرآن والسنة والإجماع ، وقد وردت الإشارة إلى هذه العبادة في القرآن الكريم إذ قال تعالى : “أنتم عافون في المساجد” ،وأما السنة فهي ما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت : “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، وهو من الشرائع القديمة ، فقال الله تعالى في شأن اعتكاف الأنبياء السابقين : “وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود” .

مشروعيته

الاعتكاف سنة مؤكدة في رمضان وغيره ، وينبغي أن يكون في المسجد فلا يصح في بيت أو غيره تقام فيها الصلوات بالجماعة ولكنه ليس موقوفا بنية المسجد وذلك مثل المصليات والأماكن المخصصة لأداء الصلاة في المكاتب والمطارات وغيرها .

وحكمته

إنه سبب لتركيز الخاطر وصفاء القلب والتفرغ للطاعة كما أنه انقطاع بالقلب والبذل إلى طاعة الله تعالى وكف الناس عن شهواتها والابتعاد عن مشاغل الدنيا ، وأما الاعتكاف في رمضان فيساعد الصائم على هدوء النفس والتعبد بتركيز القلب والانصراف الكلي لطاعة الله ، وأن الاعتكاف في ليالي العشر الأواخر من رمضان فيساعد المعتكف على مصادفة ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشد مئزره في تلك الليالي للاعتكاف والعبادة .

أركانه

من أحكام الاعتكاف النية عند بدء الاعتكاف وصيغتها المعروفة : نويت سنة الاعتكاف ” ثم المكث واللبث في حدود ما يطلق عليه المسجد فوق طمأنينة الركوع في الصلاة ، كما قررها الفقهاء ، ولا يكفي الاعتكاف في فناء المسجد أو الملحق به لأغراض إدارية أو فنية وليس بقصد المسجد ، وكذلك الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس وإذا خرج المعتكف من المسجد عمدا يبطل الاعتكاف ويحتاج إلى نية جديدة .

آداب الاعتكاف

الانقطاع لطاعة الله من الصلاة وتلاوة القرآن والاستماع إلى المواعظ والدروس ، والذكر والأدعية المسنونة ، ولا ينبغي له صرف الوقت في النوم بدون حاجة والاشتغال بالكلام غير الضروري ويستجيب أن يكون صائما حتى إذا كان في غير رمضان وأن يكون صائما حتى إذا كان في غير رمضان وأن يكون في المسجد الجامع وخاصة إذا كان الاعتكاف في أيام الجمع فإنه لا يحتاج إلى الخروج من الاعتكاف إلى مكان آخر للجمعة ولأن الجماعة فيه أكثر من المساجد الصغيرة العادية .

وجدير بالملاحظة والانتباه أن الاعتكاف لخير مساعد على التقليل من فضول الكلام والانغماس في القيل والقال ، في هذا الشهر المبارك ، وأن الصيام في حقيقته ليس جوعا بدنيا فقط بل هو صون اللسان والقلب من مدنسات الكلام ، والأفكار الدنيئة حتى تتكامل لدى الصائم الصادق القوتان المادية والمعنوية فالاعتكاف يخدم الصائم في تقويم الأخلاق وتعديل السلوك والعزيمة النفسية والإرادة القوية .

نموذج من سيرة الرسول

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فوق الصفا بصوت مرتفع :”أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟” قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذبا قط ، قال :”فإنني نذير لكم بين يدي عذاب شديد” فقال أبو لهب عمه : تبا لك ! ألهذا جمعتنا . وأنزل الله تعالى في شأنه :”تبت يدا أبي لهب وتب”.

وبعد أن دخلت الدعوة المرحلةالعلنية ، أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم ينابع تبليغ الناس دعوته بالذهاب إلى الأسواق والمعارض التي تقام في الأسواق الشهيرة بمكة وحواليها ويعرض نفسه على الناس ويدعوهم إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان والأخلاق الفاسدة ، وفي أحد الأماكن العامة التقى بستة نفر من الأوس من مدينة يثرب وعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم بعض آيات من القرآن فعرفوا أنه الرسول الذي تنتظره اليهود ، وواعدوه على المقابلة في موسم الحج من العام القادم ، فلما جاء الموعد حضر إليه اثنا عشر رجلا من الخزرج فأسلموا وعاهدهم على أن لا يشركوا بالله شيئا وعلى السمع والطاعة لله ورسوله ، وأرسل معهم مصعب بن عمير ، وكان أول مبعوث أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم لتبليغ الدعوة الإسلامية إلى خارج مكة المكرمة .