الإسلام والحياة

الوسيلة يوليو 1952م

إن العالم اليوم ينساق – طوعا أو كرها – إلى التعاليم الإسلامية وإلى أصول القرآن وإرشاداته في سبيل مجد الإنسانية والحضارة الحقة ونشر الأمن والطمأنينة في الجنس البشري شيئا فشيء يوما فيوم مع وجود هذه المحاولات كلها بوسائل شتى وطرق مختلفة من الدعايات الكاذبة والإشاعات المزيفة في بقاع الأرض كلها ضد القرآن وتعاليم الإسلام وحضاراته ! وما السر الخفي لهذا الانسياق بطبيعة الحال وما السبب الحقيقي لابتعاد الناس عن تعاليم القرآن وإرشاداته مع كونها فطرية إلهية تتمشى مع تطورات العالم وبيئاته وظروفه ؟ وأما سر الانسياق فإن فطرة الإنسان ونواميس الطبيعة لا تتغير ولا تتبدل مهما حاول المخرفون لإبعاد الناس عن الفطريات والقوانين الطبيعية والقرآن كتاب الله المرقوم الطبيعية والقرآن كتاب الله الموقوم كما أن الطبيعة كتاب الله المختوم فكما لا يستطيع إنسان ما تغيير شيء من الفطريات وطبيعة العالم لا يستطيع أن يبدل شيئا من القوانين الإلهية الفطرية المنشورة في طيات كتاب الله السماوي مع أن عناصر الخلود وأسباب الصلاحية لكل زمان ومكان متوفرة فيه ويؤدي جميع حاجات العالم في سبيل بناء الحضارة والرقي الإنساني ولا ينقد القوانين في صلاحيتها وقابليتها بسوء فهمها الناس أو الإهمال في العمل بها وأما سبب انكماش الناس عن تعاليمه وتأخر لمنتمين إليه فيرجع إلى نقطتين هامتين أو لا عدم الفهم (أو سوئه) لأساليبه وتعاليمه كما حقه واتباع الأهواء والشهوات والمصالح الذاتية في تأويل أوامره وتطبيق قوانينه وثانيا هروب بعض العلماء وأشباههم وراء بعض الألفاظ والكلمات مع ترك الروح والحقيقة والاكتفاء بالسطحيات مع عدم الالتفات إلى الغايات والأهداف وفوق كل هذا وذاك فإن انهيار الدولة الإسلامية وضعف القائمين على الشؤون الدينية في سبيل القيام بحقوقها فسبب لتسرب الوهن واليأس إلى قلوب ضعفاء الإيمان من العلماء والفقهاء فانهارت قواهم العلمية والبحثية فانتشر الجهل والأمية بين العوام واكتفوا ببعض المظاهر والتقاليد من الإسلام وتركوا إليه وروحه ولكن كتاب الله المقدس المنزل على خاتم الأنبياء والرسل هداية للناس كافة إلى يوم القيامة فهو المكفل من رب الناس بحفظه وبقائه وخلوده وأبديته “وإنا نحن نزلناه الذكر وإنا له لحافظون” لهذا فلم يبق للباحثين عن حقيقة التعاليم الإسلامية وعن مدى قدرتها لبناء الحضارة وإقرار الأمن والسلامة في الجنس البشري إلا الرجوع إلى هذا السجل العام الخالد المحفوظ من كل تغيير وتبديل وتخريف وتحريف .