الإسلام قد جاء لإنهاء الحروب والإرهاب وإفشاء الوئام والسلام

الخليج اليوم – قضايا إسلامية الثلاثاء 18-نوفمبر -1986 م

إن النظرة العامة الخاطفة إلى أصول ومبادئ الرسالة الإسلامية والدعوة المحمدية تعطي فكرة صحيحة عن خصائص ومميزات هذه الدعوة وتلك الرسالة ، ويقول منزل هذه الرسالة وهو رب العالمين والرحمن الرحيم مبينا الغرض الأساسي منها وهو دعوة الناس جميعا إلى حظيرة الإسلام في الحياة الدنيا والحياة الآخرة لأنه دعوة المالك القدوس السلام :”يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين” (البقرة : 208) .ثم قال : “فلا تهنوا ولا تحزنوا أنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم” (محمد : 35) . وقال كذلك : “والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم” (يونس : 25) .

وأن صيغة التكليف في الآية الأولى إنما هي مضادة للحروب لأن الحرب والسلم أمران متضادان فإذا كان المسلمون جميعا مكلفون ومطالبون بالدخول في السلم العام أي السلم في كافة الأمور لأن لفظ كافة تفيد كافة أنواع السلم في كافة الأمور .
فجاء الإسلام لتحقيق السلام بين الناس جميعا وبينهم الكائنات كلها لأن السلام يقرب بين الأفراد والجماعات وأن التقارب يؤدي إلى التفاهم ، والتفاهم يؤدي إلى التعاون والتعاون يؤدي إلى تبادل المنافع والفوائد وتفادي أسباب المضرة والمفسدة ، وهذا هو السبيل الوحيد لإسعاد البشرية والحياة السليمة ، السليمة وأما الحرب بين الناس مهما كانت في حدود ضيقة ومسافات محدودة فإن آثارها تعم الجميع أن عاجلا أو آجلا في إحجام مختلفة ولكن لا ينجو أحد مهما كان بعيدا من عواقبها ونتائجها وخاصة في عصر وظروف تكون فيها المسافات أو الحواجز الجغرافية سهلة الاجتياز والاختراق مثل أيامنا هذه ، وأن الإسلام لم يأذن للمسلمين في القتال إلا للدفاع والحماية عن الحقوق الخمسة الأساسية للحياة الإنسانية وهي : النفس والمال والعرض والدين والعقل ، وأن مصالح العباد في معاشهم ومعادهم لا تتحقق إلا بحماية هذه الحقوق الأساسية فإذا اعتدى أحد ظلما وزورا على هذه الحقوق فيلزم الدفاع عنها حتى توقف العدوان أو رد الحقوق صلى أو نصرا ثم لا يجوز الاستمرار في الحرب لأن مسوغاتها قد انتهت إلى هذه النظرة الإسلامية بتبشير القرآن الكريم : “وإن حنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله” (الأنفال : 61) . ثم قال : “فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا” (النساء : 90) .

وقد نبه الإسلام الإنسانية كلها إلى أن المسلم ينبغي أن يكون دائما مصدر السلام فإن تحيته لكل من يلاقيه السلام ، وإن رده حتى على غوغاء الجهلة وسخافات السفلة هو السلام “وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” (الفرقان) . وأن فطرته مطبوعة بالسلام مع ربه ومع الكون ومع الناس وأن اسمه ولقبه ووصفه : مسلم فكل قول أو فعل وحتى فكر يدل على العنف والإرهاب والتخويف مناقض لفطرته ومضاد لفكرته ومخالف لعقيدته ، وأن إسلامه لا يتحقق إلا أن يكون مصدر سلام لكل الكائنات كما قال رسول الإسلام : “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده” .

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مغبة العنف والإرهاب في الأحاديق الصريحة الواضحة بأساليب متنوعة لتكون الأمة على بينة وهدى ومنها قوله : “إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله” (متفق عليه) . وقوله أيضا : “إن الرفق لا يكون في شيئ إلا زانه ولا ينزع من شيئ إلا شانه” (رواه مسلم) . وقوله كذلك :”من يحوم الرفق يحوم الخير كله” (رواه مسلم) . وقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم موجها كل من له عقل سليم وفهم صحيح إلى حقيقة مرة لا يعيها ولا ينتفع بها إلا فرد أو قوم جدير بالحياة والسعادة بها على وجه الأرض وتحتها كذلك بعد الممات : “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” (متفق عليه) . أليس في هذا التوجيه النبوي الحكيم عبرة للطائشين المتهورين ؟.

قبسات مضيئة

من القرآن الكريم

“ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور” (الشورى : 43) .

من الأدعية المأثورة

“اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء ” (رواه الترمذي) .