أثر الوازع الديني في تزكية النفوس

الخليج اليوم – قضايا انسانية – 9-10-1985 م

إن الفساد الاجتماعي والانحلال الخلقي يسرى في هذا الزمان إلى كل ناحية من نواحي الحياة البشرية وفي كل بلد من بلدان العالم ، وفي كل فئة من الأمم والشعوب ، ولم يعد هناك عاصم يعصمهم من السير في هذه الطريق الوعرة ماداموا قادرين على التماس الوسائل واتخاذ الجيل ومخادعة القوانين والنظم بتأويلها أو التهرب من قبضتها .

الحارس الأمين عللى كل إنسان من نفسه هو العاصم الروحي والوازع الديني ، وهو الذي يزكي النفوس ويطهر القلوب ، لأن القوانين تخادع وتغالب ، ويمكن الإفلات من سلطانها إذا لم تكن الروح الدينية مسيطرة على الإنسان ، وخشية الرب الذي خلقه ورزقه تملأ قلبه ، والثقة بعدله والإيثار برضاه والاستحياء من أن يراه عاصيا له ، خارجا على أمره …

وقد ساءت الحال في العالم الإنساني اليوم بقدر أن امتلأت – أو تكاد – قلوب المصلحين وأذهان العاملين المخلصين لمصلحة الإنسانية عامة يأسا وقنوطا من صلاح الأحوال واستئصال أسباب الأغلال الخلقي والفساد الاجتماعي .

وإن الحل الوحيد لهذا المعضلات النفسية والخلقية والاجتماعية هو تقوية الوازع الديني في القلوب والإيمان بالله وبالآخرة فتصادر نوازع الفساد والشرور ، وتغرس بذور الخير والصلاح .

المعرفة الصحية للأديان

إن من أسباب بعد الناس من الروح الديني ، سيما في العناصر الفاسدة والقلوب الضعيفة والعقول الجامدة ، المعارف المشوهة والصور الظاهرية التي يعرفها كثير من الناس عن الأديان .

ومن الحقائق الثابتة أن المعرفة الناقصة أو المشوهة شر من الجهل ، لهذا يدعو الإسلام النوع الإنساني كله إلى معرفة مبادئه وأحكامه من كتابه المقدس السماوي ، ومن بيان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم معرفة صحيحة ، ويرغبهم في إدراك ما فيه من خير وجمال باستعمال العقول والأفكار الموهوبة لكل إنسان لأنهم إذا عرفوه أحبوه ، وإذا أحبوه عظموه ، فيحرصون على أن تصدر أفعالهم وأحوالهم وأقوالهم عن تعاليمه القويمة ومبادئه الصالحة .

خطر الأوهام والتقاليد

يحذر الإسلام الناس من الهروب وراء الأوهام والأضاليل والتقاليد العمياء والآراء الضالة ، فيقول القرآن الكريم : “ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل ……”

لا صلاح لهذا النوع الإنساني ولا حل لهذه المشكلة الاجتماعية والجرائم الخلقية إلا بتقوية الطاقة الروحية والوازع الديني في البشر ، وأما المطلوب من كل مفكر مصلح ، وداعية مخلص ، ومن كل شخص يعتني بشؤون الإسلام والمسلمين وبصالح العالم الإنساني ككل ، أن يوجه عنايته الكاملة الواعية نحو نشر مبادئ الإسلام الحقة وأحكامه الصحيحة في المجتمع البشري بدقة ووضوح ، ليقف عللى محاسنها المسلمون وغيرهم من مختلف الأمم والشعوب في أقطار العالم الذي يعيش اليوم في مشاكل ومعضلات وتيارات عديدة ، بحيث لا يعرف أحد نتائجها الوخيمة إلا خالق البشر ، المهيمن على مقاليد الأمور ، والعالم ببواطن الصدور .