ميزات مسلمي الهند في عيد الأضحى

الإسلام أغسطس 1952م

يسرني أن أرفع آيات التهاني وأطيب التحيات على صفحات (مجلة الإسلام) الغراء إلى الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك عن نفسي ونيابة عن إخواني المسلمين الهنود وأضرع إلى الله عز وعلا أن يعيد هذه الأيام السعيدة على العالم الإسلامي يمنا وبركة .

وإن كان الاحتفال بعيد الأضحى والقيام بالواجبات والتوسع في النفقات والإكثار من أنواع الصدفة والعبادات وما في سائر البلاد التي يسكنها المسلمون ولكن لكل قطر من الأقطار ميزات في هذا الشأن يمتاز بها عن غيره فمن ميزات المسلمين في الاحتفال بعيد الأضحى والاستقبال به أن رجال الدين يتشددون جدا في مسائل العبادات وإحياء السنن من ذبح الأضحية والتوسع على العيال والفقراء والمساكين والإكثار من التكبير والتهليل في البيوت والطرقات اتباعا بالسنة المحمدية لهذا الغرض يتصلون بالشعب في المدن والقرى ولهم دعايات واسعة النطاق في طول البلاد وعرضها في عشرات الآلاف من المساجد والمعاهد والمحافل العامة بوسائل مختلفة ، من الرسائل والنشرات والمواعظ والخطب والاعلانات وغيرها ، ويذكرون الناس فيها فضائل الحج وثوابه ويشجعونهم على أداء هذا الفرض في أقرب فرصة ممكنة ، ويبنون في دعاياتهم أعمال الحج والعمرة وأنواع المشاهدات الموجودة في الأماكن المقدسة ، وكل هذا يشجع الناس على المبادرة إلى الحج في العام القادم ويندمون على ما فاتهم ذلك في العام الحاضر ، فيبادرون إلى أنواع من القرب والتبرعات لتدارك ما فاتهم من ثواب الحج وزيارة الأماكن المقدسة في هذه الأيام السعيدة هذا نوع من انتهاز الفرص لحث الناس على الفضائل ومكارم الأخلاق وكذلك أن يوم العيد ، وأيام التشريق أيام عطلة عند المسلمين جميعا فتكون محلاتهم مطاعمهم مقفلة في معظم الأسواق في المدن والقرى ، وأما يوم العيد من العاشر من شهر ذي الحجة فيوم عطلة رسمية لجميع الوزارات والمصالح الحكومية وسائر المرافق العامة في البلاد كلها ومن مظاهر عيد الأضحى في مسلمي الهند أن كلا منهم يكون في أتم الاستعداد لذبح الضحايا في العيد ، كل في دائرة استطاعته مثلا إذا تمكن بمفرده وإلا فبالاشتراك مع الزملاء فإذا كان الحيوان بقرا أو جاموسا فيشترك فيه حتى السبعة وإذا كانت الشاة فلواحد فقط ، وإذا كان غنيا فيضحي أكثر من الواحد من البقر وأما الإبل فلا يذبح في البلاد الهندية لقلة وجوده فيها ولعدم ألفة الناس بأكل لحومه ، وهناك عادة خاطة وهي أن لحوم الضحايا توزع على الفقراء والمساكين ، وأما جلودها وأثمانها فترسل إلى المؤسسات الإسلامية كالمعاهد الدينية ودور الأيتام وغيرهما التي تجري بالتبرعات والمساعدات المالية من الأهلين ، ويقوم بعض الجمعيات الإسلامية بهذه المهمة فتبلغ قيمة الجلود فقط لبعض المؤسسات آلاف الجنيهات سيما في البلاد المكتظة بالمسلمين ، هذه طريقة سهلة نافعة جدا في معظم البلاد الهندية ، فأكثر الناس يذبحون عقب صلاة العيد ويمتد الذبح في بعض البلاد إلى آخر أيام التشريق وكذلك يهتمون كثيرا بصوم يوم عرفة رجالا ونساء فمنذ غروب الشمس التاسع من شهر ذي الحجة يتوافد الناس جماعات إلى المساجد القريبة ويجولون في الطرقات والأزقة في شكل طابور مكبرين ومهللين بأصوات عالية وكذلك يجتمعون مكبرين ومهللين في مسقف المساجد والمنازل ومنذ الصباح يروحون جماعات وفرادى إلى المصلى ، ومما هو جدير بالذكر أن يكون في أكثر المدن والقرى بالهند مصلى لصلاة العيد يقال له (نمازكاه) أي الميدان الخالص لصلاة العيد فيفضلون الصلاة في المصلى على الصلاة في المساجد اتباعا بالسنة فيكون بعض المصلى واسعا العشرات الآلاف من الناس فيما في المدن الكبرى مثل كلكتا ودلهي ومدراس وغيرها ، والعادة عند المسلمين في الهند أنهم يتغدون يوم العيد مجتمعين في بيوتهم مع أصحابهم وجيرانهم ويرسلون قسطا من الأطعمة والحلويات إلى الأقارب والجيران ، ومن مظاهر هذه الأيام بينهم أنهم لا يدعون أحدا للاستخفاف بحرمة هذا اليوم السعيد وفي بعض البلاد المكتظة بالمسلمين إذا استخف شخص بحرمة هذا اليوم وآدابه يلتف الناس حوله معاتبين فينزلون عليه عقابا رادعا ، وأما الحكومة فتصرف تموينا خاصا للمسلمين بمناسبة العيد للتوسع في الإنفاق وأنواع التبرعات والخيرات.