ملامح من الإعجاز القرآني في استخراج الوقود من الأشجار والنباتات

الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الأربعاء 12-مارس-1986 م

لقد وردت تقارير عديدة ودراسات مختلفة عن مصادر الطاقة الحرارية وكيفية استخراج أنواع من الوقود من النباتات والأشجار الغابات بل أهميتها وطاقاتها من مصادر الطاقة التقليدية من النفط والغاز والفحم وغيره .

وأن هذا التحول الهام والخطير في اكتشاف الوقود الهائل من أشجار الغابات ونباتات الأرض والمنتجات الزراعية ، بصورة واقعية وبطريقة علمية وتقنية ، قد لفت نظري وجذب اهتمامي فور الاطلاع على بعض هذه التقارير في الأيام الأخيرة ، إلى قوله تعالى المعجز الخالد في سورة يس : “الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ” . وتليه قوله أيضا في سورة الحديد ، أكثر تذكيرا وأوقع في عقول أولى الألباب وذوي الأبصار إذ يقول : “أفرأيتم النار التي تورون ، أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن الخالقون ، نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للموقوين ” .

من الشجر الأخضر نارا

لقد أوضح القرآن حقيقة كون الأشجار الخضراء مصدرا هاما وكبيرا من مصادر الطاقة التي لا تنضب بعكس الطاقات الأخرى ، من الفحم والغاز أو البترول وغيره ، ولكن العالم الإنساني والتقنية البشرية لم ينتبه إلى هذه الحقيقة المرة إلا بعد أن ظهرت بوادر نضوب الطاقات الحرارية والوقودية الأخرى بسبب استنزافها الإنسان بإسراف وترف واستهلاكه إياها في أغراض وشؤون لم تخلق من أجلها ، وقد ثبت علميا وتقنيا في الوقت الحاضر ، بعد أن مضى 15 قرنا على تذكير القرآن الإنسان به بصراحة وبيان يبهر العقول ويفتح القلوب ، أن بإمكان الأشجار والنباتات وغيرها من منتجات الغابات والأراضي الزراعية وغير الزراعية ، اختزان كميات هائلة من الطاقة الحرارية تقدر بعشرات المرات أكثر مما يستعمله العالم من الطاقات سنويا ، وقد ثبت علميا أيضا أن الاستفادة من الطاقة المخزونة في الأشجار والنباتات في الاستعمالات اليومية من وقود وتدفئة وطبخ وغيره أكثر توفيرا وتسهيلا للجهود والنفقات .

الاتجاه إلى زراعة الأشجار

بدأ العالم الإنساني اليوم يفكر جديا ويخطط ويعمل جاهدا للنهوض بزراعة الأشجار والنباتات ، وتنمية الغابات والمزارع فيها من أجل استخراج الطاقات والوقود منها بعد أن ثبت نفعها وخيرها الدائم لخدمة الإنسانية على مدى الأجيال فهي التي ستبقى مصدرا لا ينضب للوقود والطاقة الحرارية بعكس المصادر الأخرى التي تعتبر الآن من المصادر الناضبة .

وحسب التقارير العالمية أن دول السوق الأوروبية تنظر الآن باهتمام كبير نحو موضوع استخراج الطاقة من الأشجار والنباتات والمواد الزراعية ، وتعمل جاهدة لتشجيع المزارعين على زراعة الأشجار والنباتات المفيدة للخفض تكاليف استخلاص الوقود من المصاجر الأخرى وجعل الغابات والمزارع مضااهية لتلك المصادر التقليدية ، ويعني هذا المشروع زرع الأشجار السريعة النمو في غابات كثيفة .

وتعتبر السويد في مقدمة الدول الغريبة في استخراج طاقاتها السنوية من الأشجار ، وتأمل أن تضاعف هذا الإنتاج في القرن القادم ، وفي الوقت الحاضر تحصل السويد على أكثر 17% من طاقاتها السنوية من الغابات ومنتجاتها ، وتجري كذلك تجارب موسعة على مناطق كبيرة من الأراضي المنخفضة الرطبة لاختيار أحسن المناطق إنتاجا للأشجار ، وتزرع فيها الأشجار السريعة النمو ويتوقع أن تنتج من الخشب ما مقداره 20 طن لكل هكتار في السنة ، كما أن الوقود المستخرج منها يكون اقتصاديا بالمقارنة إلى مصادر الوقود الأخرى .

الوقود من الطبيعة الخضراء

وقد ثبت اليوم للإنسان في ضوء الاكتشافات الطبيعية والدراسات التقنية المعملية بعد أن ثبت من قبل نظريا وفكريا ، أن الطبيعة الخضراء التي تشكلها الأشجار والنباتات والغابات ، مصدرا هاما للحرارة والوقود والتدفئة والطاقة الآلية ، مثل الشمس والريح والحياة ومستخرجات الأرض مثل الفحم والنفط والغاز بل هو أشد وأبقى .

وكانت الشجرة – وستظل – دائما رمز العطاء والخير ، ومصدر الدفيئ والوقود ، والحرارة التي يتقي بها الإنسان برد الشتاء وقسوة المناخ ، ويطبخ بها طعامه ويهيئ بها أسباب قوته وحوائج حياته وإذا تمعن الإنسان في نعمة الشجرة التي سخرها الله سبحانه وتعالى لخدمته على مدى الأجيال والقرون ، وفي كيفية استخراج طاقة النار الموقدة منها ، يعي ويفهم ملامح الإعجاز الكامن في هذه الآية …