لئلا تكون الدعوة إلى الله وظيفة رسمية

الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الاثنين 2-ديسمبر-1985 م

إن نجاح مهمة الدعوة إلى الله تعالى مرتبطة ارتباطا وثيقا بصورة تقديم هذا العمل إلى الناس وبخلفيات القائمين به من الدعاة والوعاظ والخطباء . فإذا كانت فكرة المخاطبين من الشباب وجماهير الشعب عن هؤلاء غير سليمة وضعيفة وتسرب إلى قلوب هؤلاء المخاطبين الشك في إخلاصهم وجديتهم في أداء هذه المهمة وخاصة عندما يكونون موظفين رسميين من بعض الجهات على أساس الرواتب والمنح المقررة منها شهريا .

وعندئذ تزداد نظرة الريبة من جانب السامعين إليهم والحاضرين لديهم ومن ناحية أخرى أن تبعية أجهزة الدعوة لبعض الجهات الرسمية تفقدها القدرة على الحركة الحرة والانطلاق المثمر .

ومن الطبيعي جدا أن يصبح الدعاة الموظفون الرسميون في خوف وحذر عن فقدان مناصبهم ويبذلون جهدا في إرضاء رؤسائهم ومستخدميهم ولذا فقد فقدت أغلبية هذا الصنف من الدعاة ثقة الناس وأضاعوا عزة الدعاة وكرامتهم .

الدعوة والمنافع الشخصية

وينبغي للدعاة المخلصين أن يبتعدوا عن كل مظهر من مظاهر التطلع إلى الأرباح المادية والمنافع الشخصية وعليهم الانصباع الكامل بصبغة التقوى والورع ، والتعفف عن المطالب الشخصية والأغراض الذاتية ، ولا يجوز لهم ، إذا أرادوا النجاح في مهمتهم الدعوية ، البحث عن المبررات والأدلة التي تسوغ مواقف موجهيهم وترضى خاطرهم بقصد تحسين أوضاعهم الوظيفية ومكتسباتهم المالية .

القيود الوظيفية تحد من انطلاق الدعاة

إن القيود الوظيفية والاعتبارات المادية تحد كثيرا من الدعاة الذين لهم سعة الأفق والعلم والاطلاع الواسعين ، من علومهم وآرائهم ومن بيانهم لأصول الإسلام بحرية وكفاءة وجداره .

وعند تأتي مسائل حساسة ، مثل الجهاد والاقتصاد والسياسة يجد هؤلاء الدعاة الرسميون أنفسهم في مجال المحاذير ، وأصواتهم في اختناق وانقباض ولا شك في أن هذه الحساسيات والشعور بعدم الانطلاق لا ينطبق على جميع الدعاة المنتمين إلى الجهات الرسمية هنا وهناك ولكن الحكم بأغلبية الأحوال والنادر لا يقاس عليه دائما .

نبذ التوبيخ وحس التوجيه

إن الناس اليوم في كل مكان في حاجة ماسة إلى حسن التوجيه وتحسين المعاملة واستخدام أسلوب الحكمة واللباقة في إرشادهم إلى الحق وصرفهم عن الباطل ، ويجب على الدعاة ألا يكثروا من التوبيخ والزجر وإحباط الهمم وتسريب اليأس إلى قلوب الشباب وأذهان العوام .

وأقل ما يجب على الدعاة في هذا العصر ، عدم إثارة الموضوعات التي تؤدي إلى الفرقة أو الإساءة إلى طائفة أو جماعة أو نفر من الناس ، حتى تقوم الدعوة إلى سبيل رب العالمين في جو من المحبة والثقة والطمأنينة .