ضرورة التعاون في تحقيق الخير ودفع الشر

الخليج اليوم – قضايا إسلامية السبت 20- أغسطس -1987 م

لقد حث الإسلام بكل صراحة وشدة الناس جميعا على التعاون المثمر في مجالات الحياة كلها ، وبه فقط يتحقق التعمير الإنماء والبقاء في سلام ووئام وإخاء على وجه الأرض وإن هذا التعاون المثمر الذي يعنيه الإسلام ذو شقين أو جانبين أي جلب المنفعة ودفع المضرة بحيث يجب التعاون بين الأفراد والجماعات في سبيل جلب الخير للمجتمع الإنساني ودفع الشر عنه ومن ثم أوجب الإسلام على كل مسلم ، رجلا وامرأة ، القيام بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أن التيار الكهربائي لا يفيد ولا ينير ولا ينتج المطلوب منه إلا بعمل الموجب والسالب معا ، وكذلك لا يتأتى صلاح فرد أو جماعة إلا بتحقيق الخير اللازم ودفع الشر المضر ، وهذا هو القانون الفطري للكائنات كلها ، وليكتمل هذان الجانبان ويتحقق هذان الهدفان معا فقد أمر القرآن الكريم :”وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب” (المائدة : 2) . ثم يقول وهو يحث الناس على دفع الظلم ونصر الحق والنهي عن المنكر : “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور” (الحج : 41) .

ثمرة العمل التعاوني

بعد أن أوجب القرآن التعاون على المسلمين جميعا في سبيل جلب الخير ودفع الشر والظلم فرض على الأمة الإسلامية التحرك الجماعي والعمل التعاوني لمصلحة الأمة والوطن بل والإنسانية جمعاء فيقول :”يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين” (البقرة : 208) .

وإن كلمة “كافة” تشير إلى التحرك الجماعي والعمل التعاوني لتحقيق الأهداف العامة والآمال المشتركة للمجتمع بصفة عامة كما أن لفظ “كافة” يقتضي أن مهمة العمل من أجل مصلحة المجتمع ودفع الأضرار عنه وتقوية بنيانه تقع على الجماعة كافة لا على مجموعة من الأفراد أو طائفة خاصة وأن الفردية لا تفيد في التحرك أو العمل الذي يجري لتحقيق أهداف عامة مشتركة للمجتمع الإسلامي ، وأن الشعور بالعمل التعاوني هو الذي يحقق الشعور بالطبيعية الجماعية والأخوة الإسلامية لأمة الإسلام كما أنه هو الخطوة الأولى لتضييق دائرة الأنانية والنزعة الفردية الانعزالية من صفوف الأمة .

الإنسان قوي بأخيه

إن الإسلام قد قد صاغ حياة المسلمين في جميع موافق الحياة البشرية في قالب التلاحم والتعاضد والتضافر بين سائر أعضاء كيان المجتمع الإسلامي بصدق وإخلاص ونظام وتنسيق ، وقد وصف الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام هذا المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعض إذ قال :”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” (متفق عليه) . حيث أن كل فرد مؤمن بمثابة لبنة متينة لبنيان الأمة الإسلامية فإذا كانت كل لبنة صحيحة قوية غير ضعيفة وموضوعة جنبا بحنب ، في لصق تام فتكون العمارة التي تتكون منها قوية ومتراصة ومترابطة الأركان وجميلة المنظر وقوية الجدران ومريحة للسكنين في أمن وراحة وأمان ، وما أحكم وأروع هذا التشبيه النبوي لتعاون المؤمنين المثمر في معترك الحياة الاجتماعية ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرشدا أو محذرا ، وإياكم الفرقة فإن الشيطان مع الواحد ، وهو مع الاثنين ، أبعد وعليكم بالجماعة “.

قبسات مضيئة

من القرآن الكريم

“قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم” ( الزمر : 53) .

من الهدي النبوي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين ، وأنزل في الأرض جزء واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولديها خشيى أن تصيبه ” (متفق عليه) .

من الأدعية المأثورة

كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء : “اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي” (متفق عليه) .