دولة إسلامية في مسيرة حضارية

الخليج اليوم – قضايا إسلامية الاثنين 23-فبراير-1987 م

في هذه المناسبة السعيدة التي تحتفل فيها دولة قطر الإسلامية بذكرى مرور خمسة عشر عاما منذ أن تولى أميرها الحكيم سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني مقاليد حكمها ، أرى من واجب المهتمين بشؤون الإسلام والمسلمين ، في مشارق الأرض ومغاربها ، أن ينظروا بعين التقدير والاعتبار ، إلى نقطتين هامتين في تاريخ هذا البلد الإسلامي العريق ، الأولى : انتماءات الإسلامية الوطيدة ، والثانية : إنجازاتها الحضارية العديدة .

وقد اعلن أميرها الحكيم هاتين القاعدتين الركيزتين فقال : “نحن كدولة إسلامية نتمسك بشخصيتنا وتقاليدنا الإسلامية ونقيم أنظمتنا في الداخل ونرسم سياستنا في الخارج على أساس من قواعد ديننا الحنيف ” .

وقد أشار إلى الأسس التي تقوم عليها مسيرة قطر الحضارية فقال :”نحن ندرك تماما أن الثروة البشرية هي أساس التنمية القومية ولذلك كان الاهتمام بتنميتها معلما رئيسيا من معالم السياسة التربوية والتعليمية للبلاد التي تهدف إلى ضرورة تنشئة أجيال واعية مثقفة ، تؤمن بالله والوطن ، مزودة بالعلم والخلق قادرة على تحمل المسئوليات الملقاة على عاتقها في بناء نهضة البلاد في حاضرها ومستقبلها ، كما تهدف إلى ترسيخ الإيمان بالانتماءات الصحيحة للإنسان في دولة قطر ، وأول هذه الانتماءات هو الانتماء إلى الإسلام باعتبار عقيدتنا والركيزة الرئيسية التي تقوم عليها حياتنا الاجتماعية في أبعادها المختلفة .

وأن هذه التأكيدات إنما تدل على حرص أمير البلاد على تحقيق مصالح العباد ، وتأكيد تبعات ومسئوليات هذا الانتماء إلى الإسلام باعتباره عقيدة وفريضة محكمة وركيزة قويمة لمسيرة قطر الحضارية والثقافية ، وقد سجلت فعلا خلال هذه الفترة القصيرة صفحات مشرقة في مجالات الإنجازات العديدة الخالدة من تعدد المؤسسات والأجهزة التي ترجمت مبادئ تلك الانتماءات إلى واقع ملموس ، وتمكنت من تحقيق الخير والرخاء للمواطنين والمقيمين محليا والمجتمع الإسلامي بل والمجتمع الإنساني ، عالميا ، وقد عكست ملامح تلك الإنجازات في شتى أرجاء العالم الإسلامي مشاركة ومساهمة إيجابية ومجدية ، وصارت القضايا الإسلامية في كل مكان ، محل اهتمام دولة قطر الإسلامية ، وظهرت في كل قضية هامة تهم الإسلام والمسلمين في أرجاء الدنيا مؤشرات التعاون القطري والتفاعل القطري ، ماديا وأدبيا ، حكوميا وشعبيا ، وأن هذه منة كبرى من دولة مثلى على أمة فضلى .

وفي هذه المناسبة العاطرة إليكم أيها القراء الأعزاء قبسات مضيئة من الإرشادات النبوية في شأن ولاة الأمور المسلمين الذين يرعون حقوق عباد رب العالمين والذين وعدهم الله تعالى عزة وكرامة في الدنيا ومثوبة وجنة في الآخرة ويقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم : “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه متعلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله واجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها ختى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه” (متفق عليه) . وجدير بالذكر أن الإمام العادل في مقدمة أولئك المحظوظين بظل رب العالمين يوم لا ينفع مال ولا بنون .

ويقول سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام : “إن المقسطين عند الله على منابر من نور ، الذين يعدلون في حكمهم ، وأهليهم وما ولوا ” (رواه مسلم) . وقد أعلن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم أيضا فقال : “أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط موفق ، ورجل رحيم رفيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ، عفيف متعفف ذو عيال ” (رواه مسلم) .

قد ورد في رواية صحيحة للإمام مسلم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “ما من أمير يلي أمور المسلمين ، ثم لا يجهد لهم وينصح لهم ، إلا لم يدخل معهم الجنة ” (مسلم) فهذه لفتة عابرة في مناسبة عاطرة ! .