الثقافة العربية لم تدع فنا من الفنون الهندية

صوت الشرق – أبريل 1954م

إن الهند بلد التسامح والبساطة منذ القدم ، لا يقل كرم ضيافتها وحسن وفادتها عن كرم العرب المشهور .

ولقد آمنت الهند نمذ فجر تاريخها بأن العلاقات الثققافية والفنية هي التي تنمي الروابط بين الشعوب وهي التي توثق عرى الصداقة والمحبة بين الأمم ، والتاريخ شاهد على أن كل من نزح إلى الهند – زائرا أو تاجرا أو لاجدئا – وجد الهند قد أفسحت له صدرها لاستقباله والترحيب به ويسرت له أن يتثقف بثقافة الهند كما تتثقف هي بثقافته ، ويمكن أن يقال تبعا لذلك أن أكثر سكان الهند الآن خليط متناسق من هؤلاء النازحين إليها من مختلف الأجناس والشعوب .

الفن الإسلامي

ولا نجد فنا من الفنون الهندية إلا وللفن الإسلامي تأثير فيه أو تشابه ، سواء في ذلك فن التمثيل أو الرقص أو الزخرفة أو التطريز أو غير التاريخية الخالدة المنتشرة في أنحاء الهند ، تجد الفن الإسلامي والنقوش العربية إلى جانب الفن الهندي والنقوش الهندية ، مثل “القلعة الحمراء” في دلهي و “جامع دلهي” و”تاج محل” الذي يعد من عجائب العالم تجد كذلك آلاف المساجد والأضرحة والأماكن التاريخية مزخرفة بالفن العربي حتى ليخيل إلى الزائر منذ أول وهلة أنه في أحد الأماكن التاريخية في بلد عربي .

والأدب الإسلامي

وقد ساهم الأدب الإسلامي مساهمة فعالة في تنمية الأدب الهندي وأثر فيه تأثيرا بالغا بفضل الأدباء العرب الذين هاجروا إلى الهند واستوطنوا فيها ، وبفضل الأدباء الهنود المتبحرين في الأدب العربي وعلومه وفنونه حتى لقد تغلغلت العقلية العربية في تفكير الأدباء الهنود وأشعارهم وقصصهم ، وأكبر مثل على ذلك ، الكتاب المشهور “كليلة ودمنة” الذي وضعه مؤلفه الهندي باللغة السنسكريتية بطريقة المحاورة على السنة الحيوانات ، وهذه الطريقة مألوفة ومعهودة عند العرب منذ القدم !

دور العلم الإسلامية

وفي الهند عدد ضخم من الدول للنشر والطبع باللغة العربية ، وتقوم هذه الدور بطلع عشرات المؤلفات الموضوعة باللغة العربية في مختلف المواضيع ، سواء بأقلام العلماء الهنود أو العلماء العرب ، ويقوم بضعها بتوزيع المجلات العربية والكتب العربية التي تنشر في مصر وغيرها في أنحاء الهند ، لكي تنتشر اللغة العربية ومؤلفاتها هناك ، وتتوثق العلاقات الثقافية بين البلدين ويصدر مجلس الهند للروابط الثقافية مجلة ثقافية كبيرة باللغة العربية من دلهي .

الزي العربي

الأزياء العربية منتشرة بين الهنود ، بدون تمييز بين الطبقات والأديان ، كالعمامة والجلباب وغيرهما من الأزياء المعتادة عند العرب ، ترى هذه الأزياء يلبسها الهنود ، كما تجد في عواصم الهند المشهورة آلافا من العرب الذين يشتغلون بالتجارة وغيرها وأكثرهم مستوطنون هناك ، إذ وجدوا الهند أرضا خصبة لتنمية ثقافتهم ونشر آرائهم وأفكارهم بين أبنائهم ، هذا إلى جانب عدد كبير من المكتبات والمتاحف المليئة بالإنتاج العربي ، والفنون العربية الجميلة .

وصفوة القول أن الثقافة العربية لم تترك فنا من الفنون الهندية أو عادة من عادات الهند إلا ولها تأثير فيه إسهام بنصيب كبير في تخليده وتنميته !.