إطالة الخطبة وإقصار الصلاة خلاف السنة

الخليج اليوم – قضايا إسلامية الخميس 20-نوفمبر-1986 م

قال النبي صلى الله عليه وسلم :”فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة ” (رواه مسلم) .

إن الأصل في تشريع خطبتي الجمعة وصلاتها هو قوله تعالى :”يا أيها الذين آمنوا إذا نوي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون” (الجمعة : 10) .

قلم يرد في الآية ذكر الخطبة التي يجب أن تسبق الصلاة يوم الجمعة ، كما ثبتت فريضتها بدليل السنة النبوية الثابتة ، إلا من خلال فريضة صلاة الجمعة ولزوم الإسراع “إلى ذكر الله” إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ، حسب مفهوم الآية المذكورة ومنطوقها .

فإن “ذكر الله” يشتمل الاستماع إلى الخطبتين وأداء الركعتين بدلا من صلاة الظهر المفروضة ، وأن الذين يتهافتون على إطالة خطبة الجمعة بحجة اغتنام الفرصة لتثقيف المسلمين من خلال منبر الجمعة وحدها ، لا يدركون آثار الإطالة السلبية على الحاضرين ، ومخالفة توجيه سيد المرسلين .

من خصائص خطبة الجمعة

أشادت الآية المذكورة بصورة واضحة جلية وبإرشادات بينة ، إلى أن خطبة الجمعة ليست كسائر الخطب والمواعظ أو المحاضرات والدروس ، من كل الاعتبارات سواء من حيث فرضيتها وكيفية أدائها وشروطها وخشوعها وهدوءها وثوابها ، وأن عدم ذكر الآية الخطبة المفروضة إلا من ضمن صلاة الجمعة وذكر الله ، وقصرها على ركعتين تسبقهما بخطبتين ، يدل دلالة واضحة على أن هاتين الخطبتين تحلان محل الركعتين من ركعات الظهر الأربع ، وبالتالي يدل على ضرورة كون الخطبتين مثل ركعتي الظهر في الإطار العام ، في الشروط والأهداف والمدة لأن كلا منهما شمله لفظ “ذكر الله” فإذا كانت الصلاة تتكون من تكبير وتهليل وتحميد وخشوع وتلاوة ودعاء ، بالقلب واللسان والجوارح ، فإن الخطبة كذلك تشمل تحميدا وتهليلا وتلاوة وموعظة ودعاء مع تذكير الحاضرين بالله وعظمته وآياته وحثهم على عمل الخير وأداء الواجب .

ولهذا أوجب الإسلام على المؤمنين حضور خطبتي الجمعة كوجوب ركعتي صلاتها ، وصارت خطبة الجمعة التي تسبق صلاتها المفروضة كل أسبوع عبادة يثاب عليها وشعيرة من شعائر الإسلام .

وقد ركزت الأحاديث النبوية على فضل هذه العبادة وعلى الفوائد المترتبة عليها ، وإن كانت خطبة الجمعة المفروضة مشابهة بالخطب الأخرى العامة ، اسما وشكلا وربما هدفا وموضوعا إذا كانت تعني الخطب الدعوية والإصلاحية والتثقيفية الدينية ، فإن دورها وهيكلها وتوقيتها ومفهومها يختلف عن مثيلاتها لأن مكانها فريد في نوعه وهو بيت من بيوت الله ، وميعادها بين الآذان والإقامة وموضوعها هداية الناس وتعميق الإيمان والتقوى في نفوس المصلين الذين حضروا إلى موقف الصلاة متوضئين خاشعين ذاكرين ، وخطابها موجه إلى جمهور خاص في مكان خاص وفي وقت خاص فلا يجوز استهلاكها كسائر الخطب الموجهة إلى سائر الجماهير وكما لا يجوز تناولها قضايا وموضوعات غيرها ، وبهذه الاعبارات وغيرها كثير .

عدم جواز إطالة الخطبة عن الصلاة

وقد رأينا من شواهد قرآنية ومفاهيمها الإرشادية إلى جانب بعض الإشارات اللغوية والمنطقية أن خطبة الجمعة تمتاز امتيازا بينا عن الخطب الأخرى الدعوية والإرشادية والإصلاحية وتبين من تلك المفاهيم أن خطبة الجمعة عبادة تقوم مقام ركعتي الظهر ، فكان من الطبيعي أن يتبادر إلى أذهان بعض الناس سؤال عن مدى طول مدة إلقائها بالمقارنة إلى ركعتي صلاة الجمعة التي تقام بعدها ، وأيضا تتسارع إلى أذهانهم أسئلة أخرى أقرب إلى المعقولية والمنطوقية ومنها : فلماذا كانت خطبة الجمعة المفروضة بين الآذان والإقامة ؟ أو ليس من العادة المتبعة أن لا تكون هناك فاصلة طويلة بين الآذان والإقامة ؟ وكيف يتعود بعض خطباء المنابر أيام الجمع على إطالة خطبهم ، واستهلاكها في طرح القضايا الخلاقية والصياح والصراخ على منابر بيوت الله بحيث تطول المدة بين الآذان والإقامة بحيث تجلب الملل والنوم ونقض الوضوء ؟ .

وقد ورد رد صريح ومقنع وجواب جامع ومفحم لكل مجادل عنيد ، في كلام إمام الدعاة وصاحب جوامع الكلم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال :”إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنه (علامة) من فقهه ، فأطيلوا الصلاة ، وأقصروا الخطبة” (رواه مسلم في صحيحه) ، وأما تذرع بعض الدعاة المتفيهقين الذين يتشدقون بجواز إطالة خطبة الجمعة كيفما شاؤوا بحجة ابتعاد الأمة في هذه الأيام من تعاليم الإسلام فينبغي اغتنام فرصة حضور البعض لثقيف الأمة كلها من خلال منابر الجمعة وحدها فليس هناك أسلوب أخطر من هذا في مجال نشر الدعوة وإرشاد الأمة ، لعدة أسباب منطقية وملموسة لدى الجميع وفي كل البقاع وخاصة في هذا العصر الصاروخي الدقيق ، ومنها : إن هذا الأسلوب الطويل الممل إنما هو مخالف صريح لإرشاد الرسول القدوة لكل من يعتلي منبر الجمعة ، ومنها أيضا : إن معظم المسلمين الذين يحضرون المساجد يوم الجمعة ، في هذه الأيام ، من الذين يتهاونون بالصلاة وسائر العبادات في باقي الأيام وقد حضروا الآن إلى المسجد يوم الجمعة وفي أنفسهم بعض مشاعر الندم والتوبة ، ومن أوجب الواجبات لخطيب الجمعة أن يبشرهم وأن يأخذ بأيديهم برفق ولطف ، بدون أن يصب عليهم القضايا ، والمسائل والنظريات والأفكار صبا ، وبدون الإطالة وإثارة الأمور الخلافية والشكلية أمامهم لئلا يدخل الملل والسأم في نفوسهم ، ويسرب اليأس والضجر إلى قلوبهم ، وفها كذلك : إن عملية إطالة الخطبة تكون بتقديم أفكار متناثرة وآراء متنافرة ووسائل شائكة وعويصة بدون أي اعتبار أو انتباه إلى عناصر الحاضرين وأنماط الناس المستمعين لأن الحاضرين لصلاة الجمعة من شتى الفئات والمستويات ومنهم : العالم والجاهل ، والمثقف والعامي ، والكبير والصغير ، والصحيح والمريض ، والفقير والغني والعامل والعاطل ، والمستريح والمستعجل ولا يكون من المعقول والمشروع أن يتحدث الخطيب يتحدث أمامهم بلغة بليغة علمية وعن مواضيع فلسفية عميقة .

سوء الفهم وسوء الاستخدام

انطلاقا من سوء الفهم الناتج عن دور خطبة الجمعة في تثقيف الأمة وتوظيفها في بيان القضايا المختلفة ، حصل سواء استخدام منابر المساجد يوم الجمعة بالذات لمعاجلة قضايا العصر أو قضايا الوقت كلها بأساليب متعددة ، ولو فكر خطباء الإطالة قليلا وبالتأني والصبر الجميل ليدركون جيدا أن الأصل في حضور خطبة الجمعة أنه عبادة فيجب أن تكون نفوس الحاضرين بعيدة عن أي انفعال أو أثر سلبي أو ملل وضجر وإذا حاول الخطيب لأن يقدم لجمهور الجمعة المتكون من شتى الأصناف والمستويات في الفهم والوعي والنضج الثقافي أفكارا وقضايا شائكة وبلغة بليغة صعبة لا يفهمها إلا العلماء والمتعلمون ، فإنه بمثابة تنفير أو تحقير لأغلب الحاضرين ، مما يورث الضجر والكآبة في نفوسهم .

وأما الادعاء بأن المسلمين قد ابتعدوا من التعاليم الإسلامية وأن حضور قطاعات واسعة منهم للمسجد ولو مرة في الأسبوع لصلاة الجمعة ، فرصة سانحة لتثقيفهم ولهذا يجوز أو ينبغي للخطيب البارع انتهاز تلك الفرصة للاندفاع لإطالة الخطبة يشرح لهم الأمور الدينية ويحبب إليهم الثقافة الإسلامية ويوزع في قلوبهم حب الدين وبعبارة أدق ليملأ أدمغتهم بوابل من القضايا ، والمسائل المتناثرة ، وهذا التصور في الواقع والحقيقة الفطرية ، في منتهى المغالطة وإن لم تكن في منتهى الغباوة والسفاهة لثلاثة أسباب جذرية في نظري ومبلغ علمي وإدراكي ، أولا 0 أن تصحيح الأوضاع التي تردي فيها المجتمع الإسلامي في كل مكان ، من ابتعاد عن المبادئ الإسلامية الحقة ، وانحطاط خلقي وثقافي ، وتخلف اجتماعي واقتصادي وسياسي ، لا يمكن تحقيقه ولئن اجتمع خطباء الدنيا كلها ، من خلال منابر الجمعة وحدها ، وإن الإطالة المملة المؤسفة على هذه المنابر في هذه المناسبة العامة أما ، قد تفسد تفاعل الحاضرين لصلاة الجمعة ، وتؤدي إلى إهدار قيمة هذا المنبر الخطير الهام في نفوس العوام ، كما أن مثل هذه الإطالة تسيء سمعة الخطباء والدعاة المملين وتعرضهم لانتقادات كل من هب ودب من الناس حتى يزول الإحساس بالاحترام والتوقير نحوهم في عامة الناس وخاصتهم ، وينبغي أن يتذكر هؤلاء المطولين أن الخطبة أو الدعوة أو الموعظة لا تعني شحن الجمهور بمشاعر الانفعال والحماس بصوت مرتفع وصراخ قوي ، بدون أن تبلغ الموضوع والأفكار والمسائل إلى عقولهم والتمكن فيها لأن المشاعر تأتي وتزول وأما الأفكار والمبادئ فهي التي تستقر في العقول السليمة وتؤدي ثمارها المفيدة اليانعة .

وثانيا – أن استهلاك مبنر الجمعة في تغطية عدة موضوعات الإسلامية أساسية مرة واحدة في خطبة واحدة يحدث اضطرابا وتنافرا في مسامع المستمعين وأذهانهم فإذا لم يهتم الخطيب بالمستوى الفكري لهم ويخوض في مواضيع عديدة في وقفة واحدة وجلسة واحدة ، فتكون النتيجة عكسية ولا يعود الجمهور بفائدة مركزية ونافعة ، بل يخرج من المسجد بانطباعات سلبية وبتأثرات سطحية مصحوبة باليأس أو الإحباط الفكري ، وثالثا – أن هناك وسائل عديدة وأساليب مجدية بتثقيف الأمة بدون إساءة استخدام منبر الجمعة وإخراجه عن هدفه السامي الرفيع ومنها تنظيم دروس دينية وندوات تثقيفية ومحاضرات دعوية بعد انتهاء خطبة الجمعة أن يتوسع فيها كما يشاء بتفضيل المفاهيم والمعاني لكل موضوع يتناوله ويكون الخطيب والحاضرين أحرارا من قيود المحافظة على الوضوء استعدادا للصلاة كما يكون الخطيب في حل عن الآداب والأخلاق والشروط اللازمة لخطبتي الجمعة وأمامه مجال مفتوح لذكر ما يريده من المسائل والموضوعات بتوسع ويمكن لكل من يريد الاستزادة والاستفادة منها من المصلين بعيدين عن الآثار السلبية لإطالة الخطبة المفروضة الموقوتة المحدودة شكلا وموضوعا ، وأن الخطباء الذين لا يحسنون توظيف خطبة الجمعة ولا يدركون معناها ومحوها ، وشروطها وحدودها يصنعون قيمتها المؤثرة ويظلمون الذين يحضرونها لأرواء أشواقهم إلى التوبة والموعظة المؤثرة والثقافة الدينية في جو هادئ وخاشع وسليم .

آداب الخطبة على منابر المساجد

ومن أوجب الواجبات وأولها ، على كل من يعتلي منابر بيوت الله أن يتذكر أولا وقبل كل شيء ، أنه يقف في أقدس الأماكن وأطهرها ، ولا ينبغي له أن يسيح فيه كما يشاء ، ويصيح من فوق منبره كما يريد ، ويميل يمينا وشمالا كأنه على خشبة المسرح ويفتعل الحماس والانفعال أمام مكبر الصوت المنصوب أمامه في ساحة بيت الله ، ولا يجوز له رفع صوته أكثر من اللازم بحيث يثقب طبلة آذان السامعين وتحريك عضلاته وجوارحه تهريجا وتهويلا وتفخيما لمكانته وبراعته فكل هذه الحركات لا تتناسب مع حرمات مساجد الله ، وتتنافي مع جدية ومكانة المكان الذي يقف فيه ، وأن الصراخ على المنبر التمايل عليه واستخدام صيحات مصل إعلان الحرب وإنذار العدو ، خلاف السنة وسيرة السلف الصالح في تعظيم حرمات بيوت الله ، وتوقير مشاعر المصلين من عباده المؤمنين .

ومن المؤسف جدا أن بعض خطباء المنابر في أيام الجمعة من كبار الدعاة لا يتورعون آداب الخطبة المنبرية ولا يتقنون قواعد مخاطبة المصلين الخاشعين ويخاطبونهم كما يخاطبون الأعداء في ساحات القتال من تهديد وتخويف وويل وثبور ، وصراخ وعويل ، وبهذا الأسلوب المخالف للسنة المطهرة ينفرون حاضري المسجد والمستمعين إليهم في أجهزة التلفاز والإذاعة ، ويضيعون القيمة المؤثرة والثقافة المفيدة في الأذهان السليمة والقلوب الحكيمة التي لا تتأثر بالتهريجات ولا تتكيف بالتهويلات .

وأن إثارة القضايا الهامشية والخلافات الجزئية والمسائل الشخصية على منابر المساجد إنما هي حركات مدمرة يلتجأ إليها بعض الرؤوس المتهورة من أنصاف العلماء من صفوف الأئمة على منابر مساجد الأمة ، وحينما يرى الجمهور المسلم هذا التدهور والتذبذب من جانب الدعاة الذين يحتلون مواقع الإمامة والخطابة والقدوة في المجتمع الإسلامي يتسرب إلى نفوس ذلك الجمهور الإحباط واليأس من الواقع الإسلامي .

ومن لوازم الخطيب الذي يعتلي منبر المسجد أن يراعي بعض ملامح السيرة النبوية كأنموذج للخطبة المنبرية البارعة فقد كانت خطبة عليه السلام من جوامع الكلم ولا يطيل الخطبة ويتجنب أساليب الضجر والملل ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعهد السامعين بالخطبة مخافة السآمة عليهم كما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما ، وقد نهى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم من أربعة أمور في كلام كل إنسان عاقل صفة عامة وهي منهية من باب أولى على الخطباء فوق منابر رسول الله العلي العظيم وجمع هذه الأمور الأربعة بجوامع كلم الحديثين التاليين ، وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”إن من أحاسنكم إلى وقربكم مني مجلسا يوم القيامة ، أما سنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلي ، وأبعدكم مني يوم القيامة ، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون” (رواه الترمذي) .

وأما الثرثار فهو كثير الكلام تكلما والمتشدق هو المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فمه تفاصحا وتعظيما لكلامه ، والمتفيهق هو الذي يملأ فمه باكلام تكبر وارتفاعا وإظهار لفضيلته على غيره ، وقد نص الحديث على أن التشدق في الخطبة وتكلف النصاحة فيها والثرثرة من أبغض الأخلاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو إمام الدعاة والمثل الأعلى للخطباء وأما الأمر الرابع فهو أخطر الخصال وأكرهها على منابر بيوت الله ، وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”هلك المتنطعون” قالها ثلاثا (رواه مسلم في صحيحه) والمتنطعون هم : المبالغون في الأمر وقد بيم النبي صلى الله عليه وسلم خطورة هذه الخصلة المكروهة المذمومة لكل خطيب وداعية فقال :”إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي تتخلل بلسانه كما يتخلل البقرة” (رواه أبو داود والترمذي) وهذه نبذة من الآداب النبوية يجب أن يتحلى بها خطباء المنابر في بيوت الله أولا وقبل الجميع ، نظرا لحرماتها وأخذا في الاعتبار خطورتها وأهميتها في عمليات الإصلاح الفكري والأخلاقي في الذين يرتادون المساجد باحثين عن الموعظة والتوبة والمغفرة فإذا لم يتأثروا بالخطبة روحيا وفكريا ووجدانيا لا تتحقق الغاية المنشودة المرجوة منها ، وحتى تتحقق تلك الغاية وتستفيد منها الأمة وتصلح بها حالها ، يجب على خطباء المنابر أن يكونوا متمسكين بآداب الخطبة المنبرية من ضوء القدوة النبوية قولا وفعلا ، وخبراء بأنماط وأصناف الناس الذين يرتادون مساجدهم ويستمعون إليهم وأكفاء لاختيار الموضوعات القريبة لأفهام الجمهور المستمع والبعيدة عن الخرافات المذهبية والنعرات التعصبية ويجب على هؤلاء أيضا أن يحترموا عقول المستمعين ، وأن لا يحاولوا أبدا لفرض آرائهم ومواقفهم عليهم بأساليب قاسية وأدلة واهية وبحركات هستيرية ، وهكذا يجب على كل خطيب مهما علا شانه وذاع صيته وطار رسمه ، أن يتجنب عند اعتلائه على منبر بيت الله وخاصة يوم الجمعة لخطبته الإطالة ، والانفعال وافتعال الحماس ورفع الأصوات وتحريك العضلات ، وعدم مراعاة ظروف ومشاعر كل الفئات .